عملياً، حزب الله من أكثر المتمسكين بالحفاظ على الهدوء والإستقرار في لبنان، وعلى الرغم من ربطه الإستراتيجي ما بين الإستحقاقات اللبنانية والإقليمية، إلّا أنه لا يريد تحويل لبنان إلى ساحة للصراع والتصادم، وهذا ما يؤكده المسار الذي ينتهجه الحزب في التعاطي مع مختلف الأمور السياسية في البلاد، لا سيما تمسّكه بالحوار مع تيار المستقبل على الرغم من تصاعد الصراع الإيراني السعودي، أو عبر الضغط لتفعيل عمل الحكومة.
لكن كل هذه الأمور تعتبر تكتيكية، في ظل ما يجري في الإقليم، وخصوصاً مشاركة الحزب في الحرب السورية، وبالتالي فإن السياق المنطقي يقول، إنه من المستحيل إنجاز إستحقاقات لبنانية إستراتيجية فيما الميدان السوري لا يزال مشتعلاً، والصورة المستقبلية للأوضاع الإقليمية لا تزال ضبابية.
هذا الكلام، يقود إلى الإستنتاج بأن الوقت الآن ليس لإنتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما جمّد تسوية انتخاب النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، تقول مصادر مطّلعة لـ"المدن" إن كل شيء معطّل بإنتظار ثلاثة إستحقاقات دولية وإقليمية، إجتماع جنيف للبحث بالوضع السوري، محادثات السلام اليمنية، ورفع العقوبات الأميركية عن إيران لدخول الإتفاق النووي حيز التنفيذ. قبل بلورة نتائج هذه الإستحقاقات، وعلى أساس نتائجها قد يبدأ البحث في حلول الأزمات المتبقية في المنطقة ومنها الأزمة اللبنانية.
يجمع كثيرون على تحميل إيران مسؤولية عرقلة مبادرة الحريري وإفشال التسوية الرئاسية، يعتبرون أن طهران ليست بوارد التفريط بأي ورقة من أوراقها في هذه المرحلة، وهي قبل الإفراج عن أي ورقة أو استحقاق في المنطقة، تريد تحصيل ثمنه أو ما يقابله، عملياً ووفق ما تشير مصادر "المدن" فإن إيران لا تتطلع حالياً إلى أي مكان سوى واشنطن، هناك مربط الخيل، ومن هناك أول الطريق.
ما تريده إيران في هذه المرحلة، تعزيز علاقتها إلى الدرجة القصوى مع الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي تريد رفع العقوبات المالية عنها، تقسم مصادر قريبة من حزب الله لـ"المدن" التعاطي الإيراني مع واشنطن إلى قسمين عبر استخدام سياسية "الشدّ والرخي". الأول تحاوري وتفاهمي قائم على مبدأ مكافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة، وتقدّم نفسها عملياً وسياسياً كمتقدمة في هذا المجال. والثاني هو الإمساك بالأوراق الإقليمية من جهة، وإيصال رسائل إلى الأميركيين من جهة أخرى إن عبر كتابات وزير الخارجية محمد جواد ظريف في الصحافة الأميركية، أو رسائل من نوع آخر، عبر احتجاز قوارب للبحرية الأميركية. الهدف من كل هذه التكتيكات واحد، هو أن إيران تريد رفع العقوبات وتريد إبرام الصفقات مع واشنطن وليس مع أي دولة أخرى.
وتلفت المصادر إلى أنه سيتم رفع العقوبات في النهاية على الرغم من التردد حول هذا الأمر، لأن إيران بحاجة للمجتمع الدولي وهو أيضاً بحاجة إليها، وهنا تعتبر المصادر أن أكثر ما يشتهر فيه الإيراني هو الصبر، وبالتالي فإن طهران غير مستعجلة، ولا يمكن حرق أي ورقة في عجالة من أمرها.
وعليه، فإن لا حديث عن تسويات أو مبادرات على الصعيد الداخلي، قبل رفع العقوبات عن إيران، وعلى الرغم من ذلك، فإن المصادر تؤكد ان حزب الله مستعد للبحث بأي تسوية أو مبادرة مقترحة، لكن بشرط أن تكون متوازنة ومتكافئة.
وفي السياق، تشير مصادر "المدن" إلى أن حزب الله نقل رسالة إلى الرئيس سعد الحريري عبر النائب سليمان فرنجية، بأن أي تسوية مرتقبة يجب أن تقوم على أساس السلّة المتكاملة، أي كما تطالب إيران بحلول عبر سلّة متكاملة لأزمات المنطقة، فعلى هذه الصورة يجب أن تكون التسوية اللبنانية، على أن تشمل السلّة، رئاسة الحكومة والحكومة المقبلة، بالاضافة الى قانون الانتخاب، وصولاً إلى ما يتعلق بسلاح المقاومة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها